((ساااااامحني يااابني...))
سامي شاب نشيط ومثابر يحب عمله حبا شديدا لم يكن يتأخر عن عمله أبدا ولم يشكو منه احد طوال سنوات عمله
تزوج وأنجبت له زوجته ولدان وبنت لم يكن يعي لهم أي اهتمام كان شغله الشاغل هو عمله لا يعرف الراحة أبدا كانت زوجته تنبهه وتذكره بنفسها وبأطفاله ولكنه غير مبالي لهم
معظم وقته في العمل بل إنه ينام لعدة أيام في مقر العمل
كبر سامي وكبر الأولاد و بدءوا بالسؤال عن أبيهم لماذا لا يجلس معنا لماذا لا نراه لماذا لم يحضر معنا مجالس الآباء في المدرسة كل تلك الأسئلة تدور في أذهان الأولاد وخصصوا أنهم يكبرون ويفهمون شيئا فشيئا
لم تكن الأم في وضع طبيعي فكانت تبحث لهم كل يوم عن جواب
حدثت سامي بما يدور في أذهان الأولاد ولكن مثل كل مرة ابحثي لهم عن أعذار فأنا مشغول ولست فاضي لهم
تعبت الأم من أسئلة الأولاد واتخذت الصمت إجابة عل تساؤلاتهم
أصبح رياض الابن الأكبر لسامي في المرحلة الثانوية وبدأ يفهم ما يدور حوله فهم أن دوام أبيه أهم من عائلته بل لو سألوه بأي مرحلة يدرس ابنك رياض لن يجيب فحياته إما سفر وإما عمل لأسابيع
مرض رياض ذات مرة وهو بالمدرسة وطلبوا منه رقم والده لكي يأخذه إلى البيت ليرتاح ظل صامتا قليلا ثم بكى بكى بحرقة مما أثار دهشة المدير والمرشد سألوه لماذا تبكي أجابهم بدموع غزيرة أبي متوفى أبي متوفى منذ متى أجابهم منذ أن طلعت للدنيا لا أعرفه ولا يعرفني أيضا لم أراه في حياتي كلها ثم أكمل حديثه بدموع الحرقة والألم الذي زرعه والده في قلبه
اتصل المدير على بيت رياض وأجابت والدته وسألها ما إذا كان هناك من يستطيع أن يأتي ليأخذ رياض من المدرسة لأنه مريض ولم يستطيع إكمال باقي الحصص
كان والد رياض بالمنزل أتى ليأخذ شنطة سفره أخبرته بحالة ابنه فقال أرسلي له السائق فأنا على عجلة من أمري
عاود المدير الاتصال ليرى هل بالإمكان أن يأتي احد أو يوصله بنفسه
رد عليه سامي سأله المدير من تكون فأجاب أنا والد رياض سأرسل السائق ليأخذه استوقفه المدير هل أنت والده حقا أم في مقام والده استغرب سامي من هذا السؤال وأجاب أنا والده أنا سامي والد رياض رد المدير باستغراب أمركم عجيب قال رياض وما الغريب في ذلك رد المدير أنت تقول أنك والد سامي أجاب وبكل ثقة نعم ولكن سامي يقول أنه يتيم الأب كلما سألنا عن والده أجاب أنه توفى منذ ولادته فهو لا يعرفه ولم يراه حتى
أنصدم سامي من هذا الجواب من ابنه أول فرحته سقطت سماعة الهاتف من يده وذرفت دموعه حسرة على الأيام التي قضاها بعيد عن أسرته
ثم أسرع إلى مدرسة ابنه ولكن قبل ركوب السيارة ظل يفكر قليلا ولكن في أي مرحلة يدرس بل في أي مدرسة يدرس ذهب إلى السائق وأمره أن يوصله لمدرسة رياض
دخل إلى المدرسة وقلبه يخفق بسرعة ماذا أقول لابني بماذا أعتذر عن غيابي لماذا ألومه وهو محق فأنا مقصر معهم جميعا ولكن لماذا فكرة الموت هذه
دخل غرفة المدير ونظر على يمينه ووجد رياض مستلقي على الأريكة لم يكن ينتظر والده بل كان ينتظر السائق ليقله إلى المنزل
فتح رياض عينيه على قطرات دموع تنزل على وجهه لم يكن مصدق ما يراه هل هو حلم أم حقيقة أغمض عينيه وبدأ يتلمس ملامح وجهه نعم هذا أبي لست في حلم إنه الواقع ولكن ما الذي أتى به هنا
قطع عليه صوت أبيه الباكي النادم على كل ما مضى ساااااامحني يا بني ساااااامحني يا بني
لن أتركك منذ هذه اللحظة سوف أظل بجانبك حتى مماتي لا تكرهني لا تحقد علي لا تنكرني كل ما أفعله وكل ما أقوم به من أجلكم
بكى رياض و ارتمى في حضن أبيه وصرخ لا أريد شيئا لا أريد مالا لا أريد منصبا لا أريد سوى أن تكون بجانبي أريد أن أراك كل يوم أن تسمعني عندما أحتاج إليك أن تصوبني عندما أخطي أن توجهني عندما أحتار في الاختيار
***هذا ما أريده أريدك أنت فقط ***
كانت هذه الكلمات كفيلة بأن تنجي عائلة من التشتت عاد سامي مع ابنه للمنزل ولم تصدق أم رياض عيناها ركضت إليهم بسرعة وحضنتهم هذا ما كانت تريده هذا ماكانت تسعى لإيصاله إلى سامي ولكنه لم يكن يدرك كل ذلك احتاج إلى من يوقضه من سباته العميق لم يكن الموقف سهل على رياض ولكنه عبر عما في داخله ووجد نتيجة مرضية مسحت كل ما خطه الزمان في قلبه وعقله
استقال سامي من شغله وسافر هو وعائلته ليقضوا أيام جديدة مع بداية حياة جديدة......
هكذا كانت حياة سامي كاد يفقد عائلته بالكامل ولكن قدرة الله أنجته ندم على كل ما فات وعاهد ربه ثم نفسه ثم عائلته أن يشغله عنهم أي أمر من أمور الدنيا أحس بقيمة الأيام التي قضاها بعيدا عنهم وحاول إعادتها لهم أو تعويضهم عن ما فات...
لتكن لنا في هذه القصة عبرة لا تدع الدنيا تأخذك بعيدا عن أهلك ف لربما يحتاجونك فلا يجدونك وتحتاج إليهم فلا تجدهم لن تحس بقيمتهم إلا إذا فقدتهم ولن تموت غيضا وحسرة إلا إذا فقدتهم فحذاري فحذاري أن تفقدهم فهم شريان الحياة........
(( فاقد الشيء لا يعطيه.....))