سبحان الله ..
الله اشد فرحا منك بتوبتك..
ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم
كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه ,
وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها
– قد أيس من راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده
فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك
– أخطأ من شدة الفرح –"
سبحان الله ... وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم
رحمه الله في مدارج السالكين حيث قال :
" وهذا موضع الحكاية المشهورة عن بعض العارفين
أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي
, وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت
فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى غير البيت
الذي أخرج منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا .
فوجد الباب مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام , وخرجت أمه ,
فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه ,
والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟
ألم اقل لك لا تخالفني , ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك . وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت ......
فتأمل قول الأم
: لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة
والشفقة .
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم" الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها "
وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟
فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه ,
فإذا تاب إليه فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به .
فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته
في الأرض المهلكة بعد اليأس منها .
حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع إليها ,
وإياك والتسويف والتأجيل
فالأعمار بيد الله عز وجل , وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت الدنيا
وقدمت على مولاك مذنبا عاصي ,ثم أن التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة
لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية , ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة
وتحمل الوازع عن المعصية فقد يأتيك وقت تبحث فيه عن هذا الدافع
وتستحث هذا الوازع فلا يجيبك .
لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن يتوبوا منه
قال العلامة ابن القيم" منها أن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور ,
ولا يجوز تأخيرها , فمتى أخرها عصى بالتأخير , فإذا تاب من الذنب بقي عليه التوبة من التأخير
, وقل أن تخطر هذه ببال التائب , بل عنده انه إذا تاب من الذنب لم يبقى عليه شيء آخر .
ومن موجبات التوبة الصحيحة :
كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب
, تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة , قد أحاطت به من جميع جهاته
وألقته بين يدي ربه طريحا ذليلا خاشعا ,
فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته . وليرجع إلى تصحيحها
, فما أصعب التوبة الصحيح بالحقيقة , وما أسهلها باللسان والدعوى.
فإذا تكرر الذنب من العبد فليكرر التوبة , ومنه أن رجلا أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : أحدنا يذنب , قال يكتب عليه ,
قال ثم يستغفر منه ويتوب ,قال : يغفر له ويتاب عليه , قال : يكتب عليه ,
قال :ثم يستغفر ويتوب منه ,قال : يغفر له ويتاب عليه . قال فيعود فيذنب . قال :"يكتب عليه ولا يمل الله حتى تملوا "
وقيل للحسن
: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود , ثم يستغفر
ثم يعود , فقال : ود الشيطان لو ضفر منكم بهذه , فلا تملوا من الاستغفار .
إن الهلاك كل الهلاك في الإصرار على الذنوب
وان تعاظمك ذنبك فاعلم أن النصارى قالوا في المتفرد بالكمال : ثالث ثلاثة .
فقال لهم ( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ) وإذا كدت تقنط من رحمته
فان الطغاة الذين حرقوا المؤمنين بالنار عرضت عليهم التوبة :
( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا )
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..............
شكرااا لكو ارجو ان تكونو استفادتو بجد