رأفت الهجان
يتردد هذا الاسم كثير كلما طرحت قضية الجواسيس والعملاء....لكونه اشهر العملاء الذي تمكن من اختراق الكيات الصهيوني لسنوات عدة....ولكون هذه العمليه فيها قدرات عالية وبارعة من الجهاز الاستخبارتي المصري.. وعملية رأفت الهجان هي أقوى اختراق.. فهو كان صاحب قدرات استثنائية في اقناع اسرائيل بأنه واحد منهم.... بل أكثر احساسا منهم بأمن اسرائيل والتزامه العقائدي تجاه اسرائيل ككيان..... وكل هذه المسائل تم تدريبه عليها من المخابرات حتى أتقن الدور كاملا...... وأقنع الجالية اليهودية في الاسكندرية والقاهرة بأنه يهودي.... وهو كشخص وبهذه المواصفات لا يأتي إلا مرة واحدة.......
ولكن ظهرت روايات كثيره مغايرة لما اعلنته المخابرات العامة المصرية عام 1988 بانها قد عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه اكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط.
وكان اسم (رأفت الهجان) هو الاسم المعلن البديل للمواطن المصرى المسلم (رفعت على سليمان الجمال) ابن دمياط والذى ارتحل الى اسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية عام 1954 حاملا روحه على كفة.
وحقق الجمال نجاحات باهرة وبه استطاعت المخابرات المصرية ان تثبت عمليا كذب اسطورة التالق التى تدعيها اسرائيل لجهاز مخابراتها......
والروايه الاسرائيليه ......يدعون انهم عرفوا هوية رأفت الهجان منذ بداية دخوله لفلسطين المحتله
وجندوه كعميل لهم على مصر بأسم...جاك بيتون....وان كثير من المعلومات التي قدمها رأفت لهم ....كشفت النقاب عن الكثير من العملاء المصريين التي زرعتهم الاستخبارات المصريه داخل هذا الكيان.....
ومن الرويات الاسرائيليه ان رأفت الهجان ....نقل معلومات للمصريين ادت لتدمير لسلاح الجو المصري ...في حرب 1967.....
وكل هذه الأدعائات تدحضها الروايه المصريه.....وسوف نكشف ان شاء الله كل الجوانب والخفايا التي تلف هذه القضيه ...ولكن سأوجز لكم نبذه بسيطه عن حياة رأفت الهجان الذي اعتبره البعض اسطورة تاريخيه......
===================
رأفت الهجان.....
اسمه الحقيقى .... رفعت على سليمان الجمال
ولد رفعت الجمال فى الأول من يوليو 1927 بمدينة طنطا وكان الأبن الأصغر للحاج على سليمان الجمال تاجر الفحم وكان له اخوين اشقاء هما لبيب ونزيهه اضافة الى اخ غير شقيق هو سامى.... وكان والده يحمل لقب (أفندي) اما والدته فكانت من أسرة عريقة وكانت تتحدث الإنجليزية والفرنسية.........لم ينعم "رفعت" بوالده طويلا اذ توفى والده وهو بعد فى التاسعة من عمره عام 1936 ....
اكمل دراسته ..والتحق ايضا بمدرسة تجارية وكان وقتها يتقن التحدث باللغتين الانجليزية والفرنسية وبرغم محاولات اخيه سامى ان يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما الا ان رفعت كان على النقيض من اخية سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة وكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة افلام..........
تخرج في عام 1946 فى الوقت الذى كان فيه قد انضم الى عالم السينما....الا انه احس بعد وقت قصير.....ان الوقت قد حان لكي ينتقل لمجال آخر......فتقدم بطلب لشركة بترول اجنبية تعمل بالبحر الأحمر للعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرا لإتقانه الإنجليزية والفرنسية.... وانتقل بالفعل الى رأس غارب حيث بقى لمده خمسة عشر شهرا تعلم خلالها كل ما امكنه عن اعمال البترول واقام علاقات متعدده مع مهندسين اجانب... وفي هذه الأثناء توفيت والدته بدكرنس......
وتنقل رفعت من عمل لعمل ....وعمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينة الشحن "حورس"... وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة..... وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ.... نابولي، جنوة، مارسيليا، برشلونة، جبل طارق، طنجة .. وفي النهاية رست السفينة في ميناء ليفربول الإنجليزي لعمل بعض الإصلاحات وكان مقررا أن تتجه بعد ذلك إلى بومباي الهندية.....ومن هنا بدأت الحكايه ........
بدأ رفعت(رأفت) العمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينةالشحن "حورس"، وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة.... وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ....وكان هناك سبب لانتقاله للعمل كمساعد حسابات.....اتهم رأفت الهجان بأختلاس اموال اثناء عمله مع رجال اعمال مصري اولاه ثقته الكامله ....وكانت هذه التهمه بأحتيال من المدير العمل....وبالرغم من ان الرجل الاعمال المصري كان على تقتة تامه ببرأة رفعت لكنه لا يستطيع الإبقاء عليه فى وظيفته تجنبا لإجراء اى تحقيقات رسمية لكنه ايضا رتب له عمل آخر مع صديق له يدير شركة ملاحه بحرية .. ولم يكن امام رفعت خيار آخر........
ومن خلال تجواله ورحلاته تعرف على فتاة انجليزيه احبيته وطلبت منه البقاء ....جودي موريس وهي فتاة انجليزية كان والدها شخصية نقابية هامة في انجلترا.....وطلبت منه البقاء ووالدها ساعده في الحصول على تصريح...ولكنه ما لبث ان قرر العودة لمصر بعد ان تطور علاقته بجودي وطالبته بالزواج....وفي مارس 1950 عاد رفعت الجمال إلى مصر.... عاد ليجد نفسه لم يتغير كثيرا فقد وجد نفسه كما رحل عنها.....لذا قرر الرحيل وذهب لفرنسا ومنها عاد لبريطانيا .... وهناك ساعده قس مسيحي... كان قد طلب منه في زيارته الأولى لليفربول أن يعلمه ما يعرفه عن الإسلام.... في الحصول على وظيفة جيدة في وكالة سفريات تدعى .....سلتيك تورز.....وقبل أن تمر خمسة شهور على هذه الصفقة زادت أرباح وكالة السفريات وزادت مدخراته إلى 5000 جنيه استرليني وضعها في بنك أمريكان أكسبريس مقابل شيكات سياحية بنفس القيمة.....
وفكر رفعت في تكرار تجربته مع السفارة المصرية في نيويورك وأقنع رئيسه بالفكرة وسافر بالفعل على الفور إلى نيويورك. لكنه لم يكن يعلم أنه لن يعود مرة آخرى.........ومكث في امريكا دون تأشيرة دخول او بطاقه خضراء ...وبدأت ادارة الهجره تطارده ورجل العمل الامريكي تخلى عنه...مما اضطره لمغادرة امريكا الى كندا ومنها الى المانيا ..ولكنه وقع نتيجة عبثه واستهتاره
في مشاكل وسرقت منه محفظته وامواله وتأشيرته....وبهذه الفتره بالذات كانت الاتهامات للنازيين يشترون جوازات سفر .....للتنقل بها واتهمه القنصل المصري ببيع جواز سفره ....ورفض اعطائه وثقة بدل من جواز سفره ....والقت الشرطه الالمانيه القبض عليه وحبسه ومن ثم ترحيله قسرا لمصر....وهنا بدأية حكايه جديده.......
مع عودته لمصر دون جواز سفر او وظيفه ولقد سبقه تقرير من المانيا ...وشكوك حول بيعه جواز سفره....اصيب بحالة من الاحباط ...واليأس مما اضطره لقبول وظيفة في البحر الاحمر قناة السويس وساعده في ذلك اتقانه للغات عده ....ولكن هذا العمل يحتاج لاوراق رسميه وثبوتيه....
مما اضطره لدخول عالم مظلم من التزوير تعرف على مزور وزور له جواز سفر بأسم
علي مصطفى يحوي صورته وبهذا الاسم عمل في قناة السويس.....ولكن حصلت تطورات مع ثورة يوليو 1952 مما دفعه لترك عمله وانتحال شخصية اخرى مزورة بأسم صحفي سويسري
تشالز دينون ....وهكذا اصبح الحال معه من اسم لاسم ومن شخصيه مزوره لشخصية اخرى الا ان القى القبض عليه من قبل ضابط بريطاني اثناء سفره الى ليبيا بعد التطورات السياسيه والنتغيرات في 1953 واعادوه لمصر ولافت في الموضوع ان عند القاء القبض عليه كان يحمل جواز سفر بريطاني الا ان الضابط البريطاني شك انه يهودي ....واسمه ديفيد ارنسون.....
وهنا ننتقل لمرحله جديده في حياته عندما بدأت المخابرات المصريه في التحقيق معه على انه شخصيه يهوديه
ديفيد ارنسون وهوضابط يهودي
كانت مستشار للقائد التركي جمال باشا في دمشق ضمن شبكة تجسس انتشرافرادها في الامبراطوريه العثمانيه....وهذا الاتهام خطير كونه متهم بأنه ديفيد ارنسون ويحمل جواز سفر دانيال كالدويل ...وعثر في حوزته على شيكات موقع بأسم رفعت الجمال.....
والشرطه المصريه لم يكن لديها خلفيه تاريخيه عن ديفيد ارنسون لذلك اتهمه بأنه يهودي ويحمل جواز سفر مزور ويوقع شيكات بأسم رفعت النجار ويتكلم اللغه العربيه بطلاقه لذلك تم ترحيله لمصر الجديده حيث عثر على اسم رفعت الجمال هناك....
وفي هذا الجزء بالتحديد....كتب رفعت الجمال ما حدث له عندما زاره حسن حسني من البوليس السري.....
وكانت هذه من اخطر التحولات في حياة رفعت علي سليمان الجمال.......واختلى به في معتقله وبدأحوار بينهما.........كانت هذه الخلوة هي بداية المرحله الانتقاليه في حياة رأفت الهجان وبداية الاختراق للكيان الصهيوني ...وبعد حديث مطول دار بين حسن حني مع رفعت الجمال وبعد استفزازته لرفعت اعترف رفعت الجمال بهويته الحقيقيه وكشف له كل ما مرت عليه من احداث واندماجه مع الجاليات اليهوديه حتى اصبح جزء منهم واندماجه في المجتمع البريطاني والفرنسي...
وطبعا كان حسن حسني متأكد من هوية رفعت النجار وما تلاها من احداث وهذا سبب اهتمام البوليس السري به الذي كان في ذلك الزمان بمثابة مخابرات....ولقد دسوا له مخبرين في سجنه ليتعرفوا على مدى اندماجه مع اليهود في معتقله وتبين ان اليهود لا يشكون ولو للحظه بأنه ليس يهودي ...مثلهم وربما هذا السبب الرئسي في استخدامه كجاسوس على اليهود.....
ومن هنا تم تجينده بعد شد ورخي معه واقناع والتكلم عن اوضاع البلاد في تلك المرحله والوضع الخطير والاموال التي تهرب من مصر لاسرائيل....والخيار محدود له اما السجن واما محو الماضي بشخصيته بما فيه رفعت الجمال وبداية مرحله جديده وبهويه جديده ودين جديد ودور قمة في الاهميه والخطوره وتكون بلاده على المحك........
بعد ان وافق رفعت الجمال على هذا الدور ....بدأت عميليات تدربيه طويله وشرحوا له اهداف الثورة وعلم الاقتصاد وسر نجاح الشركات متعددة القوميات واساليب اخفاء الحقائق لمستحقي الضرائب ووسائل تهريب الاموال بلاضافه عادات وسلوكيات وتاريخ وديانة اليهود.....وتعلم كيف يميز بين اليهود الاشكانز..واليهود السفارد وغيرهم من اليهود....
وهكذا انتهى (رفعت الجمال) ...وولد (جاك بينون ) في 23 اغسطس 1919 من اب فرنسي وام ايطاليه وديانته يهودي اشكانزي وانتقل للعيش في حي في الاسكندريه يسكنه الطائفه اليهوديه وحصل على وظيفه مرموقه في شركةفي احدى شركات التامين.. وانخرط في هذا الوسط وتعايش معهم حتى اصبح واحد منهم....ولقد كشف رفعت الجمال في مذكراته انه اثناء وجوده في الاسكندريه جند في وحدة( 131) الذي انشئاها الكولونيل (افرهام دار)لحساب المخابرات الاسرائيليه
(امان)والتي شرعت في اعمال تخربيه للمصالح الاجنبيه والامريكيه لاتهام منظمات تحتيه مصريه
والتي عرفت( بفضيحة لافون)وفي هذه المنظمه كان رفعت له علاقة قويه مع اعضاء لهم اهميتهم
واسماء اصبحت فيما بعد بارزة.....مثل (مارسيل نينو)....(ماكس بينيت)....(ايلي كوهين)ذلك الجاسوس الذي كاد ان يحتل منصب ذات اهميه بالغه في سوريا وقرأت من احدى المصادر ان رأفت الهجان هو من كشف عنه واكتشفه وابلغ المصريين بهذا الامر وبلغت السلطات السوريه والقي القبض عليه واعدم....ربما اذا صحت هذه الروايه فهذا من ضمن الامور التي تفند كلام اسرائيل عن كونه عميل مزدوج....وهناك امر اخر يكذب الادعائات الاسرائيليه بهذا الخصوص ما عرف (بفضيحة لافون)وكان حسن حسني يتابع قضية (131)ومن بعده تابع القضيه (على غالي)كان رفعت الجمال من خلال علاقته مع اعضاء هذه المنظمه احبط العميليه كلها والقي القبض على المشاركين بها....
اعتقل رفعت على خلفية لافون هو وايلي كوهيت لتمويه واطلق سراحهم اختفي ايلي عن الساحه بينما رفعت استئنف دوره( جاك بينون)وكانت مهمته انذاك تقتصر على التجسس على الطائفه اليهوديه
ولكن تطورت الامور بعد نجاح (عملية لافون)واستدعوه للقاهره وطلبوا منه الذهاب لاسرائيل
وكان الامر مذهل بالنسبه له .....كيف عليه اقتحام عرين الاسد....وبدأ التدريب على علميه التجسس على الساحه الدوليه....وبدأبدراسة اليهود في اوروبا والصهيونيه وموجات الهجرة لفلسطين ....
وبعد تدريبات مكثفه...ودراسات عميقه بكل ما يخص اليهود....بدات العمليه الكبرى وبدأ المنعطف الخطير في حياة رفعت الجمال...وقيل له ان بأمكانه العوده لمصر واستعادة شخصيته وحياته ....
وفي 1956تلقى 3000دولار واستقل استقل سفينة متجهة لنابولي قاصدا بالاصل اسرائيل ...
التقطته الوكاله اليهوديه في نابولي لاقناعه للذهاب الى ارض الميعاد وبذلو حهد كبير في اقناعه....
وهو بحنكه وخبره لم يكن متلهف لسفر لاسرائيل ولم يكن يرفض رفضا قاطعا .....وتركهم يدفعونه للسفينه المتجه الى اسرائيل ...واستقبله رجل المخابرات (سام شوب) وحققوا معه لبعض الوقت وبعدها منحه تأشيرة دخول وجواز سفر اسرائيلي......وهذا يؤكد نجاح العمليه المصريه المخابرتيه وبمنتهى القوة...........انشأ مكتب سفريات (سي تروز)في شارع2 برينز في تل ابيب....اصبحت له علاقات حميمه مع (موشي داين )ورجل المخابرات( سام شوب) لهث كثيرا وراء رفعت الجمال للتقرب منه....
وهوسعى لتكوين هذه العلاقات مع هذا المستوى العالي من الشخصيات ..وتقرب من( عزرويزمان )
و(جولدمائير)و(بن غوريون)وخلاصة الحديث انه استطاع وضع يده في اهم مواقع القوة الفاعله في اسرائيل.....
واكتشف بأمر العدوان الثلاثي وتفاصيله وسافر الى روما ...وميلانو...ليلتقي رؤسائه ....
لكن لم يصدقه احد لخطورة هذه المعلومات التي اتى بها رفعت الجمال من قلب اسرائيل....
وبحكم عمله المكتب السياحي واستقدام اليهود لاسرائيل حظيه بكثيرا من الثقه والاصدقاء....
في سنة 1963 طلب رفعت الجمال العوده لمصر ودفن( جاك بيتون)ولكن الامر لن يكون بهذه السهوله....وبهذه الفترة بالذات التقى بزوجته( فلتراود)احبها وتزوجها وعاد بها لاسرائيل....
وعرفها على جميع الموز الهامه في اسرائيل ...وعندما حملت قرر بعثها لالمانيا لكي تضع مولدها هناك تخوفا من ان يحمل ابنه الجنسيه الاسرائيليه.....وبدأ في اقامة اعمال له في المانيا في مجال النفط...
ومن خلال علاقاته واتصلاته عرف بأمر الضربه لمصر في ينويو1967وابلغهم ولكن لم تؤخذ معلوماته بعين الاعتبار نظرا لمعلومات اخرى تفيد بأن الضربه موجهة لسوريا....
وبعد الهزيمه اصيب بخيبة امل شديده وبقي على اتصال دائم مع رجال المخابرات المصريه وحصلت على معلومات غايه في الاهميه وهذه المعلومات اخذت بعين الاعتبار وكانت نتائجها حرب 1973وبعد الانتصار بالحرب طالب بالعوده لمصر ولكن طلبه رفض لانهم لن يستطيعوا حمايته واسرته.....لذلك بقي رجل الاعمال اليهودي جاك بينون ورجل الاعمال الماني .....
وفي 1981 اصيب رفعت الجمال بمرض خبيث ....وفي خلال مراحل مرضه كتب مذكراته ...
وكان سعيدا انه بعد موته ستكتشف زوجته وابنه دانيل وابنته بالتبني حقيقته....وفعلا هذا ما حدث لم تعرف زوجته (فلترواد) حقيقته الا بعد وفاته اكتشفت امورا لم تحسب لها حساب ... وفي 1988 نشرت صحفية مصريه هذا الموضوع عرض الحقيقة كاملة ... حقيقة ذلك الرجل الذى عاش بينهم وزود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو 1967 وكان له دور فعال للغاية فى الاعداد لحرب اكتوبر 1973 بعد ان زود مصر بادق التفاصيل عن خط برليف .... كما انه كون امبراطورية سياحية داخل اسرائيل ولم يكشف احد امره ...........
وجاء الرد الرسمى من جانب المخابرات الاسرائيلية : ان هذة المعلومات التى اعلنت عنها المخابرات المصرية ما هى الا نسج خيال وروايه بالغة التعقيد
لم يتوقع احد تلك العاصفة التى هبت داخل اسرائيل بحثا وسعيا لمعرفة حقيقه...التي اعلنتها المخابرات العامه المصريه....عام 1988 بانها قد
عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه اكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط...بعد وفاة جاك بيتون لم تتضح الحقيقة بشكل كامل.... اذ يعترف الشاباك بأنه ليس واضحا له ما الذي فعله (رأفت الهجان) بالضبط خلال الأعوام التي قضاها في أوروبا.... فهناك في أوساط قدامى الشاباك من يشك بأن (رأفت) قد تاب ورجع عما اقترفت يداه وعاد الى أحضان المخابرات المصرية...... كما ان هذه الشكوك لا تزال حتى اليوم تساور موظفين كبار سابقين في الشاباك، أي ربما يكون (رأفت) على الرغم من كل ما فعل لم يكن عميلا مزدوجا وفيا مخلصا وانما مُضَلِلا عميلا وافق في ظاهر الأمر على ان يصبح مزدوجا لكنه في حقيقة الأمر ظل وفيا لمرسليه الأصليين المصريين......
ومن هنا نبدأ...........
فالترود تحكي.........
بعدما تم الكشف عن شخصية بيتون الحقيقية في مصر.... أدركت «فالترود» بأن زوجها قد تحول الى معبود الجماهير في مصر وفي أوساط ملايين الشباب في العالم العربي... فسارعت الى مغادرة منزلها في ألمانيا وتوجهت الى مصر بصحبة ولديها حيث استأجرت فيلا فخمة في ضاحية هليوبوليس.... وتحولت هي الأخرى الى نجم اعلامي..... لقد أجرت الصحف والمحطات الاذاعية والتلفزيونية عشرات المقابلات معها......ومن خلال كلامها عن حياتها مع جاك بينون(رأفت )كشفت كذب المزاعم الاسرائيليه......
حول ذهابهما الى اسرائيل تقول فالترود «لقد سافرت معه بعد الزواج الى تل أبيب حيث ذهبنا الى منزله الفخم في احدى ضواحي تل أبيب» لقد زارنا كبار شخصيات المجتمع الاسرائيلي الراقي بل زارنا ذات يوم الجنرال موشي دايان.... فالشركة السياحية التي كان يملكها بيتون تلقت دعما كبيرا من حكومة اسرائيل التي كنّا نعرف معظم وزرائها...... في الحقيقة قدم بيتون نفسه كيهودي لكنني أحسست بأنه يتجنب ويتنكر بشكل مطلق للطقوس الدينية اليهودية... ولم يكشف لي ذات يوم بأنه في حقيقة الأمر مسلم..... وفي عام 1969م انتابته حالات نفسية مختلفة وأخبرني بأنه سئم من العيش في اسرائيل.... وقرر تصفية مصالحه وأعماله والهجرة الى ألمانيا.... فقام ببيع وكالة السفريات وغادرنا اسرائيل...... بعد هجرة بيتون الى ألمانيا استقر في فرانكفورت وقام بفتح وكالة سفريات هناك.... وتصف زوجته عدم سهولة الوضع في ألمانيا.. حيث لم يكن من السهل ترتيب الأمور في البداية.... وخلال تلك الفترة بدأ يزورهم طبيب مصري قّدم نفسه باسم الدكتور محمد الجمال وقد اكتشفت فالترود فيما بعد بأنه من أقرباء بيتون.... بل انه أبن أخيه وتقول «كما ان زوجي بعد عودتنا الى ألمانيا أكثر من زياراته الى مصر»... وعندما سألته كيف تسمح السلطات المصرية للاسرائيلي بزيارة بلادهم ؟ قال لي بأن كونه من مواليد مصر وهاجر منها يحق له مواصلة الاحتفاظ بالجنسية المصرية... وفي عام 1978، تحدث جاك عن امكانية الانتقال للسكن في مصر وقد توجه الى هناك لهذا الغرض... وعند عودته أحس بالمرض... وفي ابريل 1981 شخّص الأطباء اصابته بسرطان الرئة فاقترحوا عليه اجراء عملية جراحية لكنه رفض وفي يناير 1982 توفي بيتون...... لقد كان ابن أخيه د.محمد الجمال يرافقه على فراش المرض وعندها فقط.. وعندما كان بيتون في حالة احتضار أخبرها محمد الجمال حقيقة «بيتون» فهو مصري مسلم اضطر الى تقمص الشخصية اليهودية لأجل أهداف وطنية. تصف شعورها آنذاك وتقول: «لقد سالت الدموع من عيني لماذا لم يخبرني بذلك أيام حياته؟ فأجابني أصدقاء له في فرانكفورت بأنه أراد حماية حياتي وحياة ابنتي وحياة ابننا المشترك دانيئيل»............
منذ اعلان مصر الحقيقه كاملة عن تفاصيل هذه القضيه... تعددت التقارير الاسرائيليةعن جاك بيتون ولكنها كانت تقارير متقطعة0... فلم يكن هناك تقرير جدي وأساسي في وسائل الاعلام الاسرائيلية ازاء ما حدث فعلا في هذه القضية.......
أكاذيب وحقائق ......
فيما يلي نكشف زيف الادعائات الاسرائيليه ومزاعمها بكون رأفت الهجان عميل مزدوج...واصدر كتاب للكتاب اسرائيلين «الجواسيس» حول رأفت الهجان ..........
يقول الكاتبان الاسرائيليين.... ان الهجان ذهب الى اسرائيل وتمكن من اقامة مصالح تجارية واسعة وأصبح شخصية بارزة يحضر الحفلات الكبرى التي يحضرها رؤساء الحكومات وكبار رجال الدولة مما جعله صديقا لعدد كبير منهم.. وهذا بالضبط ما حدث...........
هذا الاعتراف يتنافى مع رفض السلطات الاسرائيلية في البداية الادلاء بأي تصري عن «جاك بيتون» بل ان بعض المسئولين أكدوا انه شخصية لا وجود لها الا في خيال المؤلف وحتى عندما اضطرت السلطات الاسرائيلية تحت ضغوط الصحافة للاعتراف بوجوده عادت وقالت: ان الهجان أو جاك بيتون لم يكن على أي علاقة بكبار المسئولين ولم يكن على معرفة بديان ولا بمائير؟ حتى جاء رئيس الموساد الأسبق «عيزرا هارئيل» ليؤكد (أن السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الاسرائيلي.. ولكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون). وهنا يتضح أمامنا درجة البلبلة والارتباك وتضارب المعلومات الاسرائيلية حول الهجان.............
ويقول الكتاب الاسرائلين ان جاك أو الهجان منذ البداية انكشف أمره عندما أحاطت به الشكوك فقد أعرب أحد المهاجرين عن شكه بأمره.... وقد دفعه للشك لهجته وأحاديثه واللغة التي يستخدمها.... وهذا الزعم ينفيه ما ذكره د. فريد، الشريك السابق لجاك في الشركة السياحية والذي صدم عندما علم بحقيقة جاك وأكد ان أسلوبه وطريقته في التفكير وكل شيء فيه يجعلك تثق فعلا بأنه مهاجر يهودي. كما ان معارفه اليهود في الاسكندرية قبل ان يتجه الى اسرائيل صدقوا وآمنوا بأنه «جاك بيتون» اليهودي مثلهم حتى أنهم استعانوا به وأصبح عضوا في ...الوحدة 131.... والتي كانت مدسوسة للقيام بأعمال تخريبية في مصر...... فكيف لم يكتشفه ايلي كوهين على حقيقته بينما استطاع أحد المهاجرين ان يفعل ذلك؟
أما حكاية اعتقال الهجان التي ذكرها الكتاب... حينما ذهبوا الى بيته في تل أبيب ...وداهموه فوجدوا معه صبية يهودية في الثامنة عشرة أطلقوا سراحها وحذروها ألا تكشف نبأ اعتقاله.... فهذا الزعم يتنافى مع أبسط القواعد. وذلك لانه عندما يتقرر القبض على جاسوس تجمع كل المعلومات عنه لذلك كان من السهل انتظار مغادرة الفتاة ثم القبض عليه بدلا من تحذيرها بعدم الابلاغ عن القبض عليه.......
بعد ذلك يقول الكتاب..... ان المسئولين الاسرائيليين بعد القبض على الهجان واعترافه.. عرضوا عليه ان يكمل اللعبة بالعمل كجاسوس مزدوج..... وعن هذه النقطة يرد أحد رجال الخبرة ان اسرائيل تكشف كذب ادعائها بهذا القول فلو علمت حقا بحقيقة الهجان لكشفته للعالم كله وقتها... لانها لا يطيب لها الاعتراف بالهزيمة ولا يمكنها ان تكتم أخبار عميل مزدوج..........
ويزعم الكتاب الاسرائيلين..... أيضا ان خدمة الهجان لاسرائيل فاقت كل تصور عام 1967 فطلب رفع أجره وزادت طلباته فتهربوا منه وراوغوه وأبقوه في أوروبا.. وهذا كلام غير منطقي بالمرة... حيث ان الجمال غادر اسرائيل الى أوروبا عام 1973 وليس بعد عام 1967، وليس من المنطقي ان تكون المراوغة مستمرة لمدة ست سنوات.
ويؤكد الكتاب الذي تتصور اسرائيل انه سيكون بمثابة قنبلة حارقة في وجه الكرامة العربية أن عمل الهجان في الموساد.... أفاد اسرائيل ففي حرب 1956 أعطته السلطات الاسرائيلية معلومات صادقة ليوصلها الا ان عبد العزيز الطودي وصف هذا التقرير الذي وصله عن طريق الهجان بقوله: (لو ان بن غوريون وجي موليه رئيس وزراء فرنسا وايدن رئيس وزراء بريطانيا اجتمعوا كي يضعوا تقريرا عن هذا الأمر لن يصبح أدق من تقرير الهجان)!! ثم يؤكد الكتاب الاسرائيلين... ان الهجان أفاد اسرائيل وحقق لها فرصة العمر عن طريق توصيل معلومات مغلوطة عن حرب 1967 كانت السبب في انتصارهم ونكستنا.............
ويؤكد مصدر موثوق به ان هذا الكلام ما هو الا كذبة مكشوفة وساذجة.... فالحقيقة المؤكدة والتي تشهد عليها التقارير التي أرسلها الهجان لمصر والتي يحدد فيها بدقة موعد الضربة..... أيضا يشهد على ذلك أحد أصدقائه حيث أكد ان الهجان قابله في مايو 1967 وأعطاه معلومات مهمة لينقلها الى السفير المصري في بيروت..... من هذه المعلومات تفاصيل مهمة ودقيقة عن الهجمة الاسرائيلية على مصر في 5 يونيو.
وهنا يظل الكتاب يؤكدان ولاء الهجان وخدمته لاسرائيل.. فهل كان من الولاء ان ينشئ شبكة تجسس عالية الكفاءة استطاع من خلالها نقل أدق تفاصيل الحياة في الدولة العبرية على مدى سنوات وجند في هذه الشبكة الألماني سميث الذي عرف في اسرائيل باسم «ميخائيل زوسمان»، وصديقه مستشار الأمن القومي الاسرائيلي.... وضابطا اسرائيليا كان مسئولا عن جمع معلومات متعلقة بالنقب حتى سمي «عين النقب»..........
واذا كان عميلا مزدوجا فلماذا لم يذكر الكتاب دوره في حرب 1973؟ لماذا لم يذكر ان الهجان هو الذي أبلغ عن وجود صهاريج لضخ المواد الملتهبة على ضفة القناة منذ بداية التفكير في انشائها، وكانت سرا خطيرا لا يتسنى لأحد ان يعرفه وكشفه لهذا السر نبّه مصر الى ضرورة ابطال مفعول هذه الصهاريج قبل العبور مباشرة..............
واذا كان عميلا مزدوجا فلماذا لم يخبر اسرائيل بموعد العبور؟ وقد كان يعرف الكثير.... حتى انه كما يدعي الكتاب خصصنا له محطة استقبال طوال اليوم عن طريقها كان يرسل سيل المعلومات للقوات المصرية..... وهل كان عميلا مزدوجا من علم من خلال لقاءاته بجولدا مائير وبن غوريون ان اسرائيل تخطط لعملية عسكرية أسمتها «قادش»، فسارع لأخبار مصر بها.....
هل هو عميل مزدوج من يحرق لاسرائيل أهم جواسيسها وفي المقابل ينشئ شبكة عالية الكفاءة للتجسس عليها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
واذا كان يحمل بعض الولاء لاسرائيل كما أكد الكتاب أن الهجان اعترف بأنه تعامل مع الموساد انتقاما من مصر التي اعتقلته وعذّبته وأجبرته على ان يصبح جاسوسا لها.... اذن فلماذا تزوج من ألمانية وعاش في ألمانيا باختياره على الرغم من وجود الحسان اللاتي يتمنين الاقتران به... وعلى الرغم من علمه مدى الكراهية المتبادلة بين الشعب اليهودي والألماني وقتها؟
لقد كذب الكتاب عندما أعلنا انه تزوج تبعا للطقوس المسيحية ارضاء لزوجته.... فقد أكدت أرملته أنها عرضت عليه ان تتحول للديانة اليهودية عند زواجهما لكنه رفض وعندما لاحظ دهشتها فسّر رفضه بأنه يخاف عليها من الاضطهاد! ولم يذكر الكاتبان لماذا رفض الهجان ان يكون ابنه يهوديا وأصر على تركه بدون دين حتى يكبر ويقرر لنفسه............
لماذا رفض أصلا ان يولد ابنه في اسرائيل؟ وقرر انجابه في ألمانيا.. التي كانت تكره اليهود.. وفسر ذلك لزوجته بان اسرائيل دولة حرب وأن حصول الطفل على جواز سفر اسرائيلي سيعرضه للمشكلات. لذلك ظل ابنه بدون جنسية حتى حصل على الجنسية الألمانية في عام 1973 أي عندما بلغ التاسعة من عمره.. لماذا كان يمل من الطقوس اليهودية؟
وما هو السبب الذي جعله يصر على ان يشب ابنه في مجتمع يكره اليهود؟
ثم يؤكد الكتاب ويثبت ما نقوله .. فقد ذكر في انه عندما مرض عرضوا عليه العلاج في اسرائيل لكنه رفض خشية ان يستغلوا الفرصة للتخلص منه..... وبالفعل فأرملته أكدت من قبل انه أصر على تلقي العلاج في مستشفى سينا في نيويورك وأن ما أدهشها كثرة عدد الأطباء العرب في هذا المستشفى!
وما هو رد الكتاب على الوصية التي أوصى بها الهجان زوجته قبل ان يموت وهي ألا يُدفن في مقابر اليهود؟!
اذا كان الهجان عميلا مزدوجا..... فلماذا قررت اسرائيل بعد ان علمت حقيقته عن طريق نشر القصة الحقيقية منع ابنه وزوجته وأبناء ابنه من دخول اسرائيل؟
والسؤال الثاني اذا كان رفعت الجمال جاسوسا مزدوجا فكيف جاء بقدميه الى مصر بعد استقراره في ألمانيا؟
ثم يأتي السؤال الأهم.... وهو اذا كان الجمال ناقما على مصر كما جاء في الكتاب.. فلماذا أصر ان تكون له استثمارات كبيرة بها؟!
هذه نهاية اكبر قضية جاسوسيه و اختراق بقوة للكيان الصهيوني على مدى 18 عاما ....
واعتقد ان كل ما بينته من حقائق كافية لتكشف كذب الادعائات الاسرائيليه.....كون رأفت الهجان عميل لها.....او عميل مودزج...
واصبح من الواضح لكم من خلال ما طرحته.. ان رأفت الهجان....هي قصة انسان مصري عربي استطاع أن يخترق الأمن الاسرائيلي للنخاع.... وأن يعيش في اسرائيل وقريبا من مراكز صنع القرار ليقدم البرهان العملي على أن الإنسان المصري العربي يملك القدرة الفذة على تحقيق النصر الباهر في ميدان المخابرات... انها صورة مشرقة تعيش معنا عندما نقرأها وتجعلنا كلما تذكرنا العدو الإسرائيلي تشمخ برؤوسنا فخرا... ونحيي وطنية هذا الانسان الذي دفع حياته ثمنا في سبيل وطنه........
========
بجد تحية وتقدير لهذا الرجل رحمه الله
ودي بعض الصور
يتردد هذا الاسم كثير كلما طرحت قضية الجواسيس والعملاء....لكونه اشهر العملاء الذي تمكن من اختراق الكيات الصهيوني لسنوات عدة....ولكون هذه العمليه فيها قدرات عالية وبارعة من الجهاز الاستخبارتي المصري.. وعملية رأفت الهجان هي أقوى اختراق.. فهو كان صاحب قدرات استثنائية في اقناع اسرائيل بأنه واحد منهم.... بل أكثر احساسا منهم بأمن اسرائيل والتزامه العقائدي تجاه اسرائيل ككيان..... وكل هذه المسائل تم تدريبه عليها من المخابرات حتى أتقن الدور كاملا...... وأقنع الجالية اليهودية في الاسكندرية والقاهرة بأنه يهودي.... وهو كشخص وبهذه المواصفات لا يأتي إلا مرة واحدة.......
ولكن ظهرت روايات كثيره مغايرة لما اعلنته المخابرات العامة المصرية عام 1988 بانها قد عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه اكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط.
وكان اسم (رأفت الهجان) هو الاسم المعلن البديل للمواطن المصرى المسلم (رفعت على سليمان الجمال) ابن دمياط والذى ارتحل الى اسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية عام 1954 حاملا روحه على كفة.
وحقق الجمال نجاحات باهرة وبه استطاعت المخابرات المصرية ان تثبت عمليا كذب اسطورة التالق التى تدعيها اسرائيل لجهاز مخابراتها......
والروايه الاسرائيليه ......يدعون انهم عرفوا هوية رأفت الهجان منذ بداية دخوله لفلسطين المحتله
وجندوه كعميل لهم على مصر بأسم...جاك بيتون....وان كثير من المعلومات التي قدمها رأفت لهم ....كشفت النقاب عن الكثير من العملاء المصريين التي زرعتهم الاستخبارات المصريه داخل هذا الكيان.....
ومن الرويات الاسرائيليه ان رأفت الهجان ....نقل معلومات للمصريين ادت لتدمير لسلاح الجو المصري ...في حرب 1967.....
وكل هذه الأدعائات تدحضها الروايه المصريه.....وسوف نكشف ان شاء الله كل الجوانب والخفايا التي تلف هذه القضيه ...ولكن سأوجز لكم نبذه بسيطه عن حياة رأفت الهجان الذي اعتبره البعض اسطورة تاريخيه......
===================
رأفت الهجان.....
اسمه الحقيقى .... رفعت على سليمان الجمال
ولد رفعت الجمال فى الأول من يوليو 1927 بمدينة طنطا وكان الأبن الأصغر للحاج على سليمان الجمال تاجر الفحم وكان له اخوين اشقاء هما لبيب ونزيهه اضافة الى اخ غير شقيق هو سامى.... وكان والده يحمل لقب (أفندي) اما والدته فكانت من أسرة عريقة وكانت تتحدث الإنجليزية والفرنسية.........لم ينعم "رفعت" بوالده طويلا اذ توفى والده وهو بعد فى التاسعة من عمره عام 1936 ....
اكمل دراسته ..والتحق ايضا بمدرسة تجارية وكان وقتها يتقن التحدث باللغتين الانجليزية والفرنسية وبرغم محاولات اخيه سامى ان يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما الا ان رفعت كان على النقيض من اخية سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة وكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة افلام..........
تخرج في عام 1946 فى الوقت الذى كان فيه قد انضم الى عالم السينما....الا انه احس بعد وقت قصير.....ان الوقت قد حان لكي ينتقل لمجال آخر......فتقدم بطلب لشركة بترول اجنبية تعمل بالبحر الأحمر للعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرا لإتقانه الإنجليزية والفرنسية.... وانتقل بالفعل الى رأس غارب حيث بقى لمده خمسة عشر شهرا تعلم خلالها كل ما امكنه عن اعمال البترول واقام علاقات متعدده مع مهندسين اجانب... وفي هذه الأثناء توفيت والدته بدكرنس......
وتنقل رفعت من عمل لعمل ....وعمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينة الشحن "حورس"... وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة..... وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ.... نابولي، جنوة، مارسيليا، برشلونة، جبل طارق، طنجة .. وفي النهاية رست السفينة في ميناء ليفربول الإنجليزي لعمل بعض الإصلاحات وكان مقررا أن تتجه بعد ذلك إلى بومباي الهندية.....ومن هنا بدأت الحكايه ........
بدأ رفعت(رأفت) العمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينةالشحن "حورس"، وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة.... وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ....وكان هناك سبب لانتقاله للعمل كمساعد حسابات.....اتهم رأفت الهجان بأختلاس اموال اثناء عمله مع رجال اعمال مصري اولاه ثقته الكامله ....وكانت هذه التهمه بأحتيال من المدير العمل....وبالرغم من ان الرجل الاعمال المصري كان على تقتة تامه ببرأة رفعت لكنه لا يستطيع الإبقاء عليه فى وظيفته تجنبا لإجراء اى تحقيقات رسمية لكنه ايضا رتب له عمل آخر مع صديق له يدير شركة ملاحه بحرية .. ولم يكن امام رفعت خيار آخر........
ومن خلال تجواله ورحلاته تعرف على فتاة انجليزيه احبيته وطلبت منه البقاء ....جودي موريس وهي فتاة انجليزية كان والدها شخصية نقابية هامة في انجلترا.....وطلبت منه البقاء ووالدها ساعده في الحصول على تصريح...ولكنه ما لبث ان قرر العودة لمصر بعد ان تطور علاقته بجودي وطالبته بالزواج....وفي مارس 1950 عاد رفعت الجمال إلى مصر.... عاد ليجد نفسه لم يتغير كثيرا فقد وجد نفسه كما رحل عنها.....لذا قرر الرحيل وذهب لفرنسا ومنها عاد لبريطانيا .... وهناك ساعده قس مسيحي... كان قد طلب منه في زيارته الأولى لليفربول أن يعلمه ما يعرفه عن الإسلام.... في الحصول على وظيفة جيدة في وكالة سفريات تدعى .....سلتيك تورز.....وقبل أن تمر خمسة شهور على هذه الصفقة زادت أرباح وكالة السفريات وزادت مدخراته إلى 5000 جنيه استرليني وضعها في بنك أمريكان أكسبريس مقابل شيكات سياحية بنفس القيمة.....
وفكر رفعت في تكرار تجربته مع السفارة المصرية في نيويورك وأقنع رئيسه بالفكرة وسافر بالفعل على الفور إلى نيويورك. لكنه لم يكن يعلم أنه لن يعود مرة آخرى.........ومكث في امريكا دون تأشيرة دخول او بطاقه خضراء ...وبدأت ادارة الهجره تطارده ورجل العمل الامريكي تخلى عنه...مما اضطره لمغادرة امريكا الى كندا ومنها الى المانيا ..ولكنه وقع نتيجة عبثه واستهتاره
في مشاكل وسرقت منه محفظته وامواله وتأشيرته....وبهذه الفتره بالذات كانت الاتهامات للنازيين يشترون جوازات سفر .....للتنقل بها واتهمه القنصل المصري ببيع جواز سفره ....ورفض اعطائه وثقة بدل من جواز سفره ....والقت الشرطه الالمانيه القبض عليه وحبسه ومن ثم ترحيله قسرا لمصر....وهنا بدأية حكايه جديده.......
مع عودته لمصر دون جواز سفر او وظيفه ولقد سبقه تقرير من المانيا ...وشكوك حول بيعه جواز سفره....اصيب بحالة من الاحباط ...واليأس مما اضطره لقبول وظيفة في البحر الاحمر قناة السويس وساعده في ذلك اتقانه للغات عده ....ولكن هذا العمل يحتاج لاوراق رسميه وثبوتيه....
مما اضطره لدخول عالم مظلم من التزوير تعرف على مزور وزور له جواز سفر بأسم
علي مصطفى يحوي صورته وبهذا الاسم عمل في قناة السويس.....ولكن حصلت تطورات مع ثورة يوليو 1952 مما دفعه لترك عمله وانتحال شخصية اخرى مزورة بأسم صحفي سويسري
تشالز دينون ....وهكذا اصبح الحال معه من اسم لاسم ومن شخصيه مزوره لشخصية اخرى الا ان القى القبض عليه من قبل ضابط بريطاني اثناء سفره الى ليبيا بعد التطورات السياسيه والنتغيرات في 1953 واعادوه لمصر ولافت في الموضوع ان عند القاء القبض عليه كان يحمل جواز سفر بريطاني الا ان الضابط البريطاني شك انه يهودي ....واسمه ديفيد ارنسون.....
وهنا ننتقل لمرحله جديده في حياته عندما بدأت المخابرات المصريه في التحقيق معه على انه شخصيه يهوديه
ديفيد ارنسون وهوضابط يهودي
كانت مستشار للقائد التركي جمال باشا في دمشق ضمن شبكة تجسس انتشرافرادها في الامبراطوريه العثمانيه....وهذا الاتهام خطير كونه متهم بأنه ديفيد ارنسون ويحمل جواز سفر دانيال كالدويل ...وعثر في حوزته على شيكات موقع بأسم رفعت الجمال.....
والشرطه المصريه لم يكن لديها خلفيه تاريخيه عن ديفيد ارنسون لذلك اتهمه بأنه يهودي ويحمل جواز سفر مزور ويوقع شيكات بأسم رفعت النجار ويتكلم اللغه العربيه بطلاقه لذلك تم ترحيله لمصر الجديده حيث عثر على اسم رفعت الجمال هناك....
وفي هذا الجزء بالتحديد....كتب رفعت الجمال ما حدث له عندما زاره حسن حسني من البوليس السري.....
وكانت هذه من اخطر التحولات في حياة رفعت علي سليمان الجمال.......واختلى به في معتقله وبدأحوار بينهما.........كانت هذه الخلوة هي بداية المرحله الانتقاليه في حياة رأفت الهجان وبداية الاختراق للكيان الصهيوني ...وبعد حديث مطول دار بين حسن حني مع رفعت الجمال وبعد استفزازته لرفعت اعترف رفعت الجمال بهويته الحقيقيه وكشف له كل ما مرت عليه من احداث واندماجه مع الجاليات اليهوديه حتى اصبح جزء منهم واندماجه في المجتمع البريطاني والفرنسي...
وطبعا كان حسن حسني متأكد من هوية رفعت النجار وما تلاها من احداث وهذا سبب اهتمام البوليس السري به الذي كان في ذلك الزمان بمثابة مخابرات....ولقد دسوا له مخبرين في سجنه ليتعرفوا على مدى اندماجه مع اليهود في معتقله وتبين ان اليهود لا يشكون ولو للحظه بأنه ليس يهودي ...مثلهم وربما هذا السبب الرئسي في استخدامه كجاسوس على اليهود.....
ومن هنا تم تجينده بعد شد ورخي معه واقناع والتكلم عن اوضاع البلاد في تلك المرحله والوضع الخطير والاموال التي تهرب من مصر لاسرائيل....والخيار محدود له اما السجن واما محو الماضي بشخصيته بما فيه رفعت الجمال وبداية مرحله جديده وبهويه جديده ودين جديد ودور قمة في الاهميه والخطوره وتكون بلاده على المحك........
بعد ان وافق رفعت الجمال على هذا الدور ....بدأت عميليات تدربيه طويله وشرحوا له اهداف الثورة وعلم الاقتصاد وسر نجاح الشركات متعددة القوميات واساليب اخفاء الحقائق لمستحقي الضرائب ووسائل تهريب الاموال بلاضافه عادات وسلوكيات وتاريخ وديانة اليهود.....وتعلم كيف يميز بين اليهود الاشكانز..واليهود السفارد وغيرهم من اليهود....
وهكذا انتهى (رفعت الجمال) ...وولد (جاك بينون ) في 23 اغسطس 1919 من اب فرنسي وام ايطاليه وديانته يهودي اشكانزي وانتقل للعيش في حي في الاسكندريه يسكنه الطائفه اليهوديه وحصل على وظيفه مرموقه في شركةفي احدى شركات التامين.. وانخرط في هذا الوسط وتعايش معهم حتى اصبح واحد منهم....ولقد كشف رفعت الجمال في مذكراته انه اثناء وجوده في الاسكندريه جند في وحدة( 131) الذي انشئاها الكولونيل (افرهام دار)لحساب المخابرات الاسرائيليه
(امان)والتي شرعت في اعمال تخربيه للمصالح الاجنبيه والامريكيه لاتهام منظمات تحتيه مصريه
والتي عرفت( بفضيحة لافون)وفي هذه المنظمه كان رفعت له علاقة قويه مع اعضاء لهم اهميتهم
واسماء اصبحت فيما بعد بارزة.....مثل (مارسيل نينو)....(ماكس بينيت)....(ايلي كوهين)ذلك الجاسوس الذي كاد ان يحتل منصب ذات اهميه بالغه في سوريا وقرأت من احدى المصادر ان رأفت الهجان هو من كشف عنه واكتشفه وابلغ المصريين بهذا الامر وبلغت السلطات السوريه والقي القبض عليه واعدم....ربما اذا صحت هذه الروايه فهذا من ضمن الامور التي تفند كلام اسرائيل عن كونه عميل مزدوج....وهناك امر اخر يكذب الادعائات الاسرائيليه بهذا الخصوص ما عرف (بفضيحة لافون)وكان حسن حسني يتابع قضية (131)ومن بعده تابع القضيه (على غالي)كان رفعت الجمال من خلال علاقته مع اعضاء هذه المنظمه احبط العميليه كلها والقي القبض على المشاركين بها....
اعتقل رفعت على خلفية لافون هو وايلي كوهيت لتمويه واطلق سراحهم اختفي ايلي عن الساحه بينما رفعت استئنف دوره( جاك بينون)وكانت مهمته انذاك تقتصر على التجسس على الطائفه اليهوديه
ولكن تطورت الامور بعد نجاح (عملية لافون)واستدعوه للقاهره وطلبوا منه الذهاب لاسرائيل
وكان الامر مذهل بالنسبه له .....كيف عليه اقتحام عرين الاسد....وبدأ التدريب على علميه التجسس على الساحه الدوليه....وبدأبدراسة اليهود في اوروبا والصهيونيه وموجات الهجرة لفلسطين ....
وبعد تدريبات مكثفه...ودراسات عميقه بكل ما يخص اليهود....بدات العمليه الكبرى وبدأ المنعطف الخطير في حياة رفعت الجمال...وقيل له ان بأمكانه العوده لمصر واستعادة شخصيته وحياته ....
وفي 1956تلقى 3000دولار واستقل استقل سفينة متجهة لنابولي قاصدا بالاصل اسرائيل ...
التقطته الوكاله اليهوديه في نابولي لاقناعه للذهاب الى ارض الميعاد وبذلو حهد كبير في اقناعه....
وهو بحنكه وخبره لم يكن متلهف لسفر لاسرائيل ولم يكن يرفض رفضا قاطعا .....وتركهم يدفعونه للسفينه المتجه الى اسرائيل ...واستقبله رجل المخابرات (سام شوب) وحققوا معه لبعض الوقت وبعدها منحه تأشيرة دخول وجواز سفر اسرائيلي......وهذا يؤكد نجاح العمليه المصريه المخابرتيه وبمنتهى القوة...........انشأ مكتب سفريات (سي تروز)في شارع2 برينز في تل ابيب....اصبحت له علاقات حميمه مع (موشي داين )ورجل المخابرات( سام شوب) لهث كثيرا وراء رفعت الجمال للتقرب منه....
وهوسعى لتكوين هذه العلاقات مع هذا المستوى العالي من الشخصيات ..وتقرب من( عزرويزمان )
و(جولدمائير)و(بن غوريون)وخلاصة الحديث انه استطاع وضع يده في اهم مواقع القوة الفاعله في اسرائيل.....
واكتشف بأمر العدوان الثلاثي وتفاصيله وسافر الى روما ...وميلانو...ليلتقي رؤسائه ....
لكن لم يصدقه احد لخطورة هذه المعلومات التي اتى بها رفعت الجمال من قلب اسرائيل....
وبحكم عمله المكتب السياحي واستقدام اليهود لاسرائيل حظيه بكثيرا من الثقه والاصدقاء....
في سنة 1963 طلب رفعت الجمال العوده لمصر ودفن( جاك بيتون)ولكن الامر لن يكون بهذه السهوله....وبهذه الفترة بالذات التقى بزوجته( فلتراود)احبها وتزوجها وعاد بها لاسرائيل....
وعرفها على جميع الموز الهامه في اسرائيل ...وعندما حملت قرر بعثها لالمانيا لكي تضع مولدها هناك تخوفا من ان يحمل ابنه الجنسيه الاسرائيليه.....وبدأ في اقامة اعمال له في المانيا في مجال النفط...
ومن خلال علاقاته واتصلاته عرف بأمر الضربه لمصر في ينويو1967وابلغهم ولكن لم تؤخذ معلوماته بعين الاعتبار نظرا لمعلومات اخرى تفيد بأن الضربه موجهة لسوريا....
وبعد الهزيمه اصيب بخيبة امل شديده وبقي على اتصال دائم مع رجال المخابرات المصريه وحصلت على معلومات غايه في الاهميه وهذه المعلومات اخذت بعين الاعتبار وكانت نتائجها حرب 1973وبعد الانتصار بالحرب طالب بالعوده لمصر ولكن طلبه رفض لانهم لن يستطيعوا حمايته واسرته.....لذلك بقي رجل الاعمال اليهودي جاك بينون ورجل الاعمال الماني .....
وفي 1981 اصيب رفعت الجمال بمرض خبيث ....وفي خلال مراحل مرضه كتب مذكراته ...
وكان سعيدا انه بعد موته ستكتشف زوجته وابنه دانيل وابنته بالتبني حقيقته....وفعلا هذا ما حدث لم تعرف زوجته (فلترواد) حقيقته الا بعد وفاته اكتشفت امورا لم تحسب لها حساب ... وفي 1988 نشرت صحفية مصريه هذا الموضوع عرض الحقيقة كاملة ... حقيقة ذلك الرجل الذى عاش بينهم وزود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو 1967 وكان له دور فعال للغاية فى الاعداد لحرب اكتوبر 1973 بعد ان زود مصر بادق التفاصيل عن خط برليف .... كما انه كون امبراطورية سياحية داخل اسرائيل ولم يكشف احد امره ...........
وجاء الرد الرسمى من جانب المخابرات الاسرائيلية : ان هذة المعلومات التى اعلنت عنها المخابرات المصرية ما هى الا نسج خيال وروايه بالغة التعقيد
لم يتوقع احد تلك العاصفة التى هبت داخل اسرائيل بحثا وسعيا لمعرفة حقيقه...التي اعلنتها المخابرات العامه المصريه....عام 1988 بانها قد
عاشت داخل اسرائيل لسنوات طوال امدت خلالها جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة كما انها شكلت وجندت داخل المجتمع الاسرائيلى نفسه اكبر شبكه تجسس شهدتها منطقة الشرق الاوسط...بعد وفاة جاك بيتون لم تتضح الحقيقة بشكل كامل.... اذ يعترف الشاباك بأنه ليس واضحا له ما الذي فعله (رأفت الهجان) بالضبط خلال الأعوام التي قضاها في أوروبا.... فهناك في أوساط قدامى الشاباك من يشك بأن (رأفت) قد تاب ورجع عما اقترفت يداه وعاد الى أحضان المخابرات المصرية...... كما ان هذه الشكوك لا تزال حتى اليوم تساور موظفين كبار سابقين في الشاباك، أي ربما يكون (رأفت) على الرغم من كل ما فعل لم يكن عميلا مزدوجا وفيا مخلصا وانما مُضَلِلا عميلا وافق في ظاهر الأمر على ان يصبح مزدوجا لكنه في حقيقة الأمر ظل وفيا لمرسليه الأصليين المصريين......
ومن هنا نبدأ...........
فالترود تحكي.........
بعدما تم الكشف عن شخصية بيتون الحقيقية في مصر.... أدركت «فالترود» بأن زوجها قد تحول الى معبود الجماهير في مصر وفي أوساط ملايين الشباب في العالم العربي... فسارعت الى مغادرة منزلها في ألمانيا وتوجهت الى مصر بصحبة ولديها حيث استأجرت فيلا فخمة في ضاحية هليوبوليس.... وتحولت هي الأخرى الى نجم اعلامي..... لقد أجرت الصحف والمحطات الاذاعية والتلفزيونية عشرات المقابلات معها......ومن خلال كلامها عن حياتها مع جاك بينون(رأفت )كشفت كذب المزاعم الاسرائيليه......
حول ذهابهما الى اسرائيل تقول فالترود «لقد سافرت معه بعد الزواج الى تل أبيب حيث ذهبنا الى منزله الفخم في احدى ضواحي تل أبيب» لقد زارنا كبار شخصيات المجتمع الاسرائيلي الراقي بل زارنا ذات يوم الجنرال موشي دايان.... فالشركة السياحية التي كان يملكها بيتون تلقت دعما كبيرا من حكومة اسرائيل التي كنّا نعرف معظم وزرائها...... في الحقيقة قدم بيتون نفسه كيهودي لكنني أحسست بأنه يتجنب ويتنكر بشكل مطلق للطقوس الدينية اليهودية... ولم يكشف لي ذات يوم بأنه في حقيقة الأمر مسلم..... وفي عام 1969م انتابته حالات نفسية مختلفة وأخبرني بأنه سئم من العيش في اسرائيل.... وقرر تصفية مصالحه وأعماله والهجرة الى ألمانيا.... فقام ببيع وكالة السفريات وغادرنا اسرائيل...... بعد هجرة بيتون الى ألمانيا استقر في فرانكفورت وقام بفتح وكالة سفريات هناك.... وتصف زوجته عدم سهولة الوضع في ألمانيا.. حيث لم يكن من السهل ترتيب الأمور في البداية.... وخلال تلك الفترة بدأ يزورهم طبيب مصري قّدم نفسه باسم الدكتور محمد الجمال وقد اكتشفت فالترود فيما بعد بأنه من أقرباء بيتون.... بل انه أبن أخيه وتقول «كما ان زوجي بعد عودتنا الى ألمانيا أكثر من زياراته الى مصر»... وعندما سألته كيف تسمح السلطات المصرية للاسرائيلي بزيارة بلادهم ؟ قال لي بأن كونه من مواليد مصر وهاجر منها يحق له مواصلة الاحتفاظ بالجنسية المصرية... وفي عام 1978، تحدث جاك عن امكانية الانتقال للسكن في مصر وقد توجه الى هناك لهذا الغرض... وعند عودته أحس بالمرض... وفي ابريل 1981 شخّص الأطباء اصابته بسرطان الرئة فاقترحوا عليه اجراء عملية جراحية لكنه رفض وفي يناير 1982 توفي بيتون...... لقد كان ابن أخيه د.محمد الجمال يرافقه على فراش المرض وعندها فقط.. وعندما كان بيتون في حالة احتضار أخبرها محمد الجمال حقيقة «بيتون» فهو مصري مسلم اضطر الى تقمص الشخصية اليهودية لأجل أهداف وطنية. تصف شعورها آنذاك وتقول: «لقد سالت الدموع من عيني لماذا لم يخبرني بذلك أيام حياته؟ فأجابني أصدقاء له في فرانكفورت بأنه أراد حماية حياتي وحياة ابنتي وحياة ابننا المشترك دانيئيل»............
منذ اعلان مصر الحقيقه كاملة عن تفاصيل هذه القضيه... تعددت التقارير الاسرائيليةعن جاك بيتون ولكنها كانت تقارير متقطعة0... فلم يكن هناك تقرير جدي وأساسي في وسائل الاعلام الاسرائيلية ازاء ما حدث فعلا في هذه القضية.......
أكاذيب وحقائق ......
فيما يلي نكشف زيف الادعائات الاسرائيليه ومزاعمها بكون رأفت الهجان عميل مزدوج...واصدر كتاب للكتاب اسرائيلين «الجواسيس» حول رأفت الهجان ..........
يقول الكاتبان الاسرائيليين.... ان الهجان ذهب الى اسرائيل وتمكن من اقامة مصالح تجارية واسعة وأصبح شخصية بارزة يحضر الحفلات الكبرى التي يحضرها رؤساء الحكومات وكبار رجال الدولة مما جعله صديقا لعدد كبير منهم.. وهذا بالضبط ما حدث...........
هذا الاعتراف يتنافى مع رفض السلطات الاسرائيلية في البداية الادلاء بأي تصري عن «جاك بيتون» بل ان بعض المسئولين أكدوا انه شخصية لا وجود لها الا في خيال المؤلف وحتى عندما اضطرت السلطات الاسرائيلية تحت ضغوط الصحافة للاعتراف بوجوده عادت وقالت: ان الهجان أو جاك بيتون لم يكن على أي علاقة بكبار المسئولين ولم يكن على معرفة بديان ولا بمائير؟ حتى جاء رئيس الموساد الأسبق «عيزرا هارئيل» ليؤكد (أن السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الاسرائيلي.. ولكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون). وهنا يتضح أمامنا درجة البلبلة والارتباك وتضارب المعلومات الاسرائيلية حول الهجان.............
ويقول الكتاب الاسرائلين ان جاك أو الهجان منذ البداية انكشف أمره عندما أحاطت به الشكوك فقد أعرب أحد المهاجرين عن شكه بأمره.... وقد دفعه للشك لهجته وأحاديثه واللغة التي يستخدمها.... وهذا الزعم ينفيه ما ذكره د. فريد، الشريك السابق لجاك في الشركة السياحية والذي صدم عندما علم بحقيقة جاك وأكد ان أسلوبه وطريقته في التفكير وكل شيء فيه يجعلك تثق فعلا بأنه مهاجر يهودي. كما ان معارفه اليهود في الاسكندرية قبل ان يتجه الى اسرائيل صدقوا وآمنوا بأنه «جاك بيتون» اليهودي مثلهم حتى أنهم استعانوا به وأصبح عضوا في ...الوحدة 131.... والتي كانت مدسوسة للقيام بأعمال تخريبية في مصر...... فكيف لم يكتشفه ايلي كوهين على حقيقته بينما استطاع أحد المهاجرين ان يفعل ذلك؟
أما حكاية اعتقال الهجان التي ذكرها الكتاب... حينما ذهبوا الى بيته في تل أبيب ...وداهموه فوجدوا معه صبية يهودية في الثامنة عشرة أطلقوا سراحها وحذروها ألا تكشف نبأ اعتقاله.... فهذا الزعم يتنافى مع أبسط القواعد. وذلك لانه عندما يتقرر القبض على جاسوس تجمع كل المعلومات عنه لذلك كان من السهل انتظار مغادرة الفتاة ثم القبض عليه بدلا من تحذيرها بعدم الابلاغ عن القبض عليه.......
بعد ذلك يقول الكتاب..... ان المسئولين الاسرائيليين بعد القبض على الهجان واعترافه.. عرضوا عليه ان يكمل اللعبة بالعمل كجاسوس مزدوج..... وعن هذه النقطة يرد أحد رجال الخبرة ان اسرائيل تكشف كذب ادعائها بهذا القول فلو علمت حقا بحقيقة الهجان لكشفته للعالم كله وقتها... لانها لا يطيب لها الاعتراف بالهزيمة ولا يمكنها ان تكتم أخبار عميل مزدوج..........
ويزعم الكتاب الاسرائيلين..... أيضا ان خدمة الهجان لاسرائيل فاقت كل تصور عام 1967 فطلب رفع أجره وزادت طلباته فتهربوا منه وراوغوه وأبقوه في أوروبا.. وهذا كلام غير منطقي بالمرة... حيث ان الجمال غادر اسرائيل الى أوروبا عام 1973 وليس بعد عام 1967، وليس من المنطقي ان تكون المراوغة مستمرة لمدة ست سنوات.
ويؤكد الكتاب الذي تتصور اسرائيل انه سيكون بمثابة قنبلة حارقة في وجه الكرامة العربية أن عمل الهجان في الموساد.... أفاد اسرائيل ففي حرب 1956 أعطته السلطات الاسرائيلية معلومات صادقة ليوصلها الا ان عبد العزيز الطودي وصف هذا التقرير الذي وصله عن طريق الهجان بقوله: (لو ان بن غوريون وجي موليه رئيس وزراء فرنسا وايدن رئيس وزراء بريطانيا اجتمعوا كي يضعوا تقريرا عن هذا الأمر لن يصبح أدق من تقرير الهجان)!! ثم يؤكد الكتاب الاسرائيلين... ان الهجان أفاد اسرائيل وحقق لها فرصة العمر عن طريق توصيل معلومات مغلوطة عن حرب 1967 كانت السبب في انتصارهم ونكستنا.............
ويؤكد مصدر موثوق به ان هذا الكلام ما هو الا كذبة مكشوفة وساذجة.... فالحقيقة المؤكدة والتي تشهد عليها التقارير التي أرسلها الهجان لمصر والتي يحدد فيها بدقة موعد الضربة..... أيضا يشهد على ذلك أحد أصدقائه حيث أكد ان الهجان قابله في مايو 1967 وأعطاه معلومات مهمة لينقلها الى السفير المصري في بيروت..... من هذه المعلومات تفاصيل مهمة ودقيقة عن الهجمة الاسرائيلية على مصر في 5 يونيو.
وهنا يظل الكتاب يؤكدان ولاء الهجان وخدمته لاسرائيل.. فهل كان من الولاء ان ينشئ شبكة تجسس عالية الكفاءة استطاع من خلالها نقل أدق تفاصيل الحياة في الدولة العبرية على مدى سنوات وجند في هذه الشبكة الألماني سميث الذي عرف في اسرائيل باسم «ميخائيل زوسمان»، وصديقه مستشار الأمن القومي الاسرائيلي.... وضابطا اسرائيليا كان مسئولا عن جمع معلومات متعلقة بالنقب حتى سمي «عين النقب»..........
واذا كان عميلا مزدوجا فلماذا لم يذكر الكتاب دوره في حرب 1973؟ لماذا لم يذكر ان الهجان هو الذي أبلغ عن وجود صهاريج لضخ المواد الملتهبة على ضفة القناة منذ بداية التفكير في انشائها، وكانت سرا خطيرا لا يتسنى لأحد ان يعرفه وكشفه لهذا السر نبّه مصر الى ضرورة ابطال مفعول هذه الصهاريج قبل العبور مباشرة..............
واذا كان عميلا مزدوجا فلماذا لم يخبر اسرائيل بموعد العبور؟ وقد كان يعرف الكثير.... حتى انه كما يدعي الكتاب خصصنا له محطة استقبال طوال اليوم عن طريقها كان يرسل سيل المعلومات للقوات المصرية..... وهل كان عميلا مزدوجا من علم من خلال لقاءاته بجولدا مائير وبن غوريون ان اسرائيل تخطط لعملية عسكرية أسمتها «قادش»، فسارع لأخبار مصر بها.....
هل هو عميل مزدوج من يحرق لاسرائيل أهم جواسيسها وفي المقابل ينشئ شبكة عالية الكفاءة للتجسس عليها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
واذا كان يحمل بعض الولاء لاسرائيل كما أكد الكتاب أن الهجان اعترف بأنه تعامل مع الموساد انتقاما من مصر التي اعتقلته وعذّبته وأجبرته على ان يصبح جاسوسا لها.... اذن فلماذا تزوج من ألمانية وعاش في ألمانيا باختياره على الرغم من وجود الحسان اللاتي يتمنين الاقتران به... وعلى الرغم من علمه مدى الكراهية المتبادلة بين الشعب اليهودي والألماني وقتها؟
لقد كذب الكتاب عندما أعلنا انه تزوج تبعا للطقوس المسيحية ارضاء لزوجته.... فقد أكدت أرملته أنها عرضت عليه ان تتحول للديانة اليهودية عند زواجهما لكنه رفض وعندما لاحظ دهشتها فسّر رفضه بأنه يخاف عليها من الاضطهاد! ولم يذكر الكاتبان لماذا رفض الهجان ان يكون ابنه يهوديا وأصر على تركه بدون دين حتى يكبر ويقرر لنفسه............
لماذا رفض أصلا ان يولد ابنه في اسرائيل؟ وقرر انجابه في ألمانيا.. التي كانت تكره اليهود.. وفسر ذلك لزوجته بان اسرائيل دولة حرب وأن حصول الطفل على جواز سفر اسرائيلي سيعرضه للمشكلات. لذلك ظل ابنه بدون جنسية حتى حصل على الجنسية الألمانية في عام 1973 أي عندما بلغ التاسعة من عمره.. لماذا كان يمل من الطقوس اليهودية؟
وما هو السبب الذي جعله يصر على ان يشب ابنه في مجتمع يكره اليهود؟
ثم يؤكد الكتاب ويثبت ما نقوله .. فقد ذكر في انه عندما مرض عرضوا عليه العلاج في اسرائيل لكنه رفض خشية ان يستغلوا الفرصة للتخلص منه..... وبالفعل فأرملته أكدت من قبل انه أصر على تلقي العلاج في مستشفى سينا في نيويورك وأن ما أدهشها كثرة عدد الأطباء العرب في هذا المستشفى!
وما هو رد الكتاب على الوصية التي أوصى بها الهجان زوجته قبل ان يموت وهي ألا يُدفن في مقابر اليهود؟!
اذا كان الهجان عميلا مزدوجا..... فلماذا قررت اسرائيل بعد ان علمت حقيقته عن طريق نشر القصة الحقيقية منع ابنه وزوجته وأبناء ابنه من دخول اسرائيل؟
والسؤال الثاني اذا كان رفعت الجمال جاسوسا مزدوجا فكيف جاء بقدميه الى مصر بعد استقراره في ألمانيا؟
ثم يأتي السؤال الأهم.... وهو اذا كان الجمال ناقما على مصر كما جاء في الكتاب.. فلماذا أصر ان تكون له استثمارات كبيرة بها؟!
هذه نهاية اكبر قضية جاسوسيه و اختراق بقوة للكيان الصهيوني على مدى 18 عاما ....
واعتقد ان كل ما بينته من حقائق كافية لتكشف كذب الادعائات الاسرائيليه.....كون رأفت الهجان عميل لها.....او عميل مودزج...
واصبح من الواضح لكم من خلال ما طرحته.. ان رأفت الهجان....هي قصة انسان مصري عربي استطاع أن يخترق الأمن الاسرائيلي للنخاع.... وأن يعيش في اسرائيل وقريبا من مراكز صنع القرار ليقدم البرهان العملي على أن الإنسان المصري العربي يملك القدرة الفذة على تحقيق النصر الباهر في ميدان المخابرات... انها صورة مشرقة تعيش معنا عندما نقرأها وتجعلنا كلما تذكرنا العدو الإسرائيلي تشمخ برؤوسنا فخرا... ونحيي وطنية هذا الانسان الذي دفع حياته ثمنا في سبيل وطنه........
========
بجد تحية وتقدير لهذا الرجل رحمه الله
ودي بعض الصور